قال الله تعالى:((وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ))، البقرة:207.
المشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت في صُهَيْب بْن سِنَان الرُّومِيّ - رضي الله عنه -؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ بِمَكَّة، وَأَرَادَ الْهِجْرَة ليلحق بالنبي – عليه الصلاة والسلام - مَنَعَتهُ قريشٌ أَنْ يُهَاجِر بِمَالِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ فعليه أَنْ يَتَجَرَّد مِنْهُ وَيُهَاجِر، ففَعَلَ ليَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ، وَأَعْطَاهُمْ مَاله؛ فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ هَذِهِ الْآيَة، فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب – رضي الله عنه -، وَجَمَاعَةٌ إِلَى طَرَف الْحَرَّة في المدينة النبوية؛ فَقَالُوا لَهُ:رَبِحَ الْبَيْعُ.فَقَالَ:وَأَنْتُمْ فَلَا أَخْسَرَ اللَّهُ تِجَارَتكُمْ، وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَة.وَيُرْوَى أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ:" رَبِحَ الْبَيْعُ صُهَيْب ".
ولا يَمنعُ أنها نزلتْ فِي كُلّ مُجَاهِد فِي سَبِيل اللَّه، كَمَا قَالَ تَعَالَى:((إِنَّ اللَّهَ اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّة يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ )).
فللهِ دَرُّك يا صهيب! شَرَى نفسَه طلبًا لرضوان الله - تعالى - هكذا تكون التضحية، وإلا فلا! هذا صُهيبٌ، وهذا فِعلُه قد غَدَا قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة؛ فماذا قدّمنا نحن طلبًا لمرضات الله سبحانه؟ وماذا بذلنا من أموالنا، وأنفسنا، وأوقاتنا لنصرة دين الله – تعالى – في زمن الغُربة التي أفقدت كثيرًا من المسلمين توازنهم، وزلزلت كِيانهم، وشَوَّهَتْ أفكارهم؛ إلا مَن رَحِم ربي؟
اللهمّ استرنا ولا تفضحنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا.
الكاتب: شادي السيّد
المصدر: موقع صيد الفوائد